حلوى السخرية (قصة قصيرة)


لم أجد اسمي في قوائم المقبولين!
للمرة الثانية خرجت من بوابة الكلية وأنا أقاوم البكاء، للمرة الثانية رفضت الجامعة تسجيلي لدراسة الدكتوراه. كنت أهرب من البكاء بالتفكير في آثاره، من الغباء وضع الكحل في أي موقف أشك فيه أن دمعي سيسيل، حاولت التركيز على الكحل، على عناكب زوايا سقف ممر الكلية ،على أي شيء لا يذكرني بأن من أخذ مقعدي الدراسي شاب لا يطيق الأدب، لا يتحدث إلى الكتّاب في خياله كما أفعل كل يوم، لكنه فقط يريد الاستمرار في الدراسة كي يؤجل الخدمة العسكرية بضعة سنوات.
نعم حصلت على مرتبة الامتياز في ماجستير الأدب المقارن، وعشت سنوات طويلة أدرس الأدب والتاريخ والشعر والروايات الإنجليزية، لذلك لا أريد أن أقضي المتبقي من حياتي في تدريس الحروف الأبجدية لطلاب الابتدائية، ولا أن أبقى مترجمة لمشاريع التخرج في الظل، كالأشباح.
لم يسألني أحد عن رغبتي في الدراسة والبحث والتدريس الأكاديمي، لا هنا ولا حتى حين رفضتني المنحة الأجنبية. هنا رُفضت لأن أحدهم تقدّم علي بـ 0.03% درجة، وفي المنحة اعتذروا مني لأنني لم أقنعهم أنني قائدة مجتمع مؤثرة غيرت حياة الملايين وسأغير حياة الملايين الباقية بعد “عودتي المؤكدة”.
أريد أن أكون جزءاً من صخب العالم. أمسكت بيدي آخر راتب قبضته من المدرسة قبل أن أستقيل، 175 ألف ليرة، لا تكفي إلا للبقاء حية لشهر آخر، كنت سأخصص نصفها للاحتفال بهذا اليوم.
داخل السرفيس، لم أجد إلا مقعداً واحداً خلف السائق، ذلك المقعد الذي تضطر فيه أن تواجه كل الركّاب، وتأخذ أصغر حيز ممكن. داخل السرفيس كانت كل الوجوه تشبهني، بملامح حزينة وعيون لا تدري أين يجب أن تنظر. “أريد شوكولا” عقلي كان يزدحم بهذا الصوت، كلما حزنت أبحث عن أقرب قطعة شوكولاته، شعرت أن جميع الركاب يحتاجون قطعة شوكولاتة.
سأصنع وأبيع الشوكولاتة، لمعت الفكرة وقررت بلا تردد، وقبل أن أصل إلى البيت، كنت قد اشتريت بكل المبلغ الذي أحمله قوالب وأدوات ومواد لصناعة الحلويات.
كنت مشتتة في البداية، لكن لا عودة، سأخرج من شاطئ ضيق إلى محيط أوسع، ربما أغرق. فهمت شعور الذين يقامرون، يتركون كل شيء ويركبون قارباً صغيراً يهاجرون به من قارة إلى أخرى.
لامني الجميع على ترك عملي الثابت، وأخبرتني والدتي أن جرة الغاز التي ننتظر طابور تبديلها كل ثلاثة أشهر، لن تكفي لمشروعي الصغير. هل أتوقف؟ لا، لا عودة.
تذكرت حديث جارتنا عن استخدام دفاتر وكتب في الموقد للطهي والتدفئة، لدي الكثير من الكتب والمحاضرات. تواصلت مع زملائي في الجامعة، أخبرتهم عن حاجة طالبة فقيرة ومستجدة للكتب والمحاضرات التي لم تعد تلزمهم، ومررت على بيوتهم لأخذها، حملتها بكل ثقلها، جمعتها ثم صنفتها بحسب الكاتب.
أريد أن أنتقم، أريد أن أسخر من العالم، حتى من نفسي، ومن كل شيء. تذكرت مقولة زميلي الذي واساني عند رفضي في الجامعة وأخبرني أنني يجب ألا أحزن كَوني امرأة في النهاية، مرجوعي إلى المطبخ. ضحكت، تلك الضحكة اليائسة، وتابعت طريقي إلى المطبخ.
جهّزت موقد جدتي القديم في فسحة المنزل، وبدأت بصنع قوالب الشوكولاته والكيك الصغيرة. الأسماء لعبتي، أسميت الأكلات بأسماء أدبية، كل مزيج وصنف تحترق تحته كتابات أحد الأدباء، ويستلهم منها طعمه.
تأملت احتراق الأوراق وكأنني أقرأ كلماتها من جديد، شعرت بالخفة، الرماد خفيف وهش ومحترق، ربما سيربح المنافسة مع الأدب ويشبهنا أكثر منه. هل يجب نحرق ما نحب كي ننضج؟ لا أعلم.
“وليم” قطعة كيك اسفنجية انجليزية كلاسيكية، تناسب الشاي، تماماً ككتابات وليم شكسبير.
“شو” قطعة كلير محشوة بكريما الليمون الحلو اللاذع، على اسم برنارد شو.
“رولينغ” على اسم ج.ك.رولينغ، قالب شوكولاته محشو ببسكويت الأوريو وقطع السميري، يحبها معظم الشباب واليافعين.
“دان” قطعة الكيك الحمراء أو ريد فلفيت، تلك القطعة التي تعرف أن تفاصيلها وألوانها ستلقى رواجاً وإن لم تكن تحمل طعماً غنياً ومتجدداً، على اسم دان براون.
“أوسكار” قطعة شوكولا بطعم القهوة، خفيفة على المعدة وطعمها مميز، على اسم أوسكار وايلد.
صنعت 20 نوعاً وأخفيت دلالات الأسماء كما لو أنني أم ماكرة، تخفي أنها منحت طفلها اسم حبيبها السابق.
ما اسم ماركة الحلويات؟ لتكن “ساركا” مزيج من اسمي (سارة) و(كيك)، هذا ما أعلنته، لكن في الحقيقة أسميتها ساركا، من ساركازم Sarcasm (السخرية)… قلت لكم الأسماء لعبتي السرية الممتعة.
لا أنكر أني كنت خائفة من النتائج، وضعت المنتجات في بقالية خالي بمنطقة شعبية، واتفقت مع ابنه الصغير على الترويج لها مقابل نسبة من الأرباح، كما اتفقت مع أخي أن يساعدني في تصوير كل المنتجات مقابل تذوق قطعة من كل نوع.
بعد يومين، ذهبت لاطمئن على مبيعات الحلويات، شاهدت ابن خالي الصغير أمام براد الحلويات على الرصيف المقابل للمحل يصيح: “شوكولاتة وكيك… أطيب شوكولاته وكيك.. وليم بثلاثة آلاف قرب وذوق.. أوسكار بألفين يا نور العين… رولينغ بخمسة بخمسة الحلو يا حلو بخمسة”
ضحكت من قلبي، لا أعرف من انتصر ومن انهزم، لكنني شعرت بالنشوة، كمن أحرق سفنه وبقي على جزيرة صغيرة، لأن الوجهات التي كان يحلم بالوصول إليها لم تستقبله.
الأسعار الرخيصة والمكونات الجيدة البسيطة، ساعدت كثيراً على انتشار الحلويات في الحي. صرت اتعامل مع أكثر من بقالية لتعرض المنتجات، وأكتب وصف الحلويات على صفحتي في الانترنت كما لو أنني أعرض رأيي في كل كاتب، وبت أشتري الكتب والمحاضرات من كل الطلاب بأسعار زهيدة.
في رمضان، دعيت للمشاركة في معرض لبيع منتجات من صنع النساء. شاركت بلا تردد، وهناك اقتربت مني المراسلة التلفزيونية، سألتني: حدثينا كيف أتتك فكرة حلويات ساركا؟ لماذا اخترت هذا المجال؟
تخيلت أنني أقف أمام الطلاب في الجامعة، ألقي محاضرة وأقول لهم: “هذا العالم مُرّ، هذا الواقع مُرّ، يحتاج الكثير من الحلويات، الكثير من ساركا”.

المعرفة هي التفاصيل

هل تعرفين فلانة؟ توقفت عند سؤال المعرفة، ماذا لو كنت أنا مادة السؤال؟ ما الذي يعرفونه عني الذين يجيبون أنهم: نعم، أعرفها.
هل المعرفة هي الاسم والعمر والدراسة والعمل والعنوان؟ لا تبدو لي معرفة الناس سهلة إلى هذا الحد.


تخيلت أنني ضمن مجموعة أو برنامج أو حلقة نقاشية ويقولون لي عرفينا عن نفسك، وأجيب بتفاصيل قد لا تهم أحد:
ردود أفعالي مغلفة بالهدوء، أحياناً لا يكون الغلاف شفافاً.

أحب شاعرية اسمي لكنني أرتبك حين اجتمع مع أخرى تحمل نفس الاسم، ويكون النداء لها.

الانسحاب عادتي السيئة في الاعتراض على أي شيء.

أكره التدخين، ولا أتحمله، وأتشنج من رائحته، ليس فقط لأسباب تحسسية كما أقول، بل لأنه أفقدني والدي مبكراً وإلى الأبد.

أحب أم كلثوم فقط في حالة الاستماع لها من مكان بعيد قليلاً.

حين أنظر من زجاج السرفيس تلفت البلكونات نظري، أتخيل على الفور ما الأحاديث التي دارت فيها ذات مساء صيفي.
أؤجل قراءة الكتب التي أظن أني سأحبها كثيراً، كما أؤجل أكل القطعة المفضلة من بين أنواع الشوكولاتة.

أتعامل مع كل شيء بمنطق الخيال والمشاعر. حين تأملت جدران المنزل التي ظهرت فيها الخطوط بعد الزلزال وجدتها تشبه تجاعيد الوجوه، وتخيلت أنه من الممكن أن أربت عليها ببضع قطرات من سيروم لترطيب البشرة.

تنمو داخل عقلي طفلة شريرة تريد أن تدبدب بقدميها على الأرض وتطلق النار –بلا تردد- على كل الذين جعلوني أملأ استمارات طويلة وقصصاً وأغنيات ومقالات وترجمات كجزء من عملية التوظيف ولم يعاودوا التواصل معي ولا حتى باعتذار.

أعتقد أن وضع الكمية المناسبة من الزيت والزعتر لجعل الطعم متناغماً داخل سندويشة ملفوفة (لا يابسة ولا تتقاطر ولا جافة)، مهارة تستحق الاحتفاء.

أحب استكشاف المشروبات والأطعمة الجديدة ومع ذلك أود الاعتراف بأن الشاي هو المشروب الأفضل، يشبه صديقاً يحب أن يكون معك في كل وقت، لن يمانع الشاي أن تشربه مع الحلو والمالح، مع كل الوجبات الدسمة والخفيفة.. وقت الحزن ووقت السعادة، صيفاً وشتاءً، مع البسطاء والأغنياء، في فنجان رقيق مزخرف فاخر، أو كأس صغيرة شفافة متواضعة.. متواضع ولا يتطّلب أن يكون وحده، يقبل كل النكهات والإضافات داخله ويحتضنها بسخاء ليظهرها.

فيلم ميكروفون

ما الذي فعله فيلم ميكروفون؟

تعجبني عشوائية الاستسلام لاختيارات التلفزيون، تضعني أمام أشياء لن يخطر لي اختيارها لوحدي، خاصة الأعمال التي سبق أن شاهدتها، وتقترن بمشاعر معينة ليس من السهل استحضارها.
فيلم ميكروفون واحد من هذه الأعمال، تسمّرت أمام الشاشة، لم أستطع تغيير القناة، تذكرت نفسي، أواخر المراهقة، بدايات الجامعة، بدايات كل شيء.
كان الفيلم نافذة على نوع مختلف من الأغاني والسينما العربية، قبل ذلك الوقت كان من الصعب الحصول على ألبوم لأي عمل يقترب من الموسيقى البديلة السورية كفرقة كلنا سوا أو أنس والأصدقاء وإطار شمع وغيرها خاصة خارج مركزية العواصم، فجأة انفتح أمامي عالم واسع في مصر قادني إلى بقية الأعمال في الأردن ولبنان، العالم الذي كنت أبحث عنه، عالم ينبض بأشياء تشبه ما نشعر به، بعيداً عن كليشيه الأشواق، والسهر والعيون الكحيلة والليالي الطويلة الذي يسيطر على معظم أجواء الأفلام والأغاني التقليدية الشائعة.
لا أذكر بالضبط هل شاهدت الفيلم 2012 أم 2011، لكنني مازلت أحتفظ بتأثيره، كان من المستحيل الاستماع إلى الأغنيات من الإنترنت مباشرة، الذي بقي مقطوعاً أصلاً في حمص لمدة طويلة، تمنيت وقتها أن يكون الفيلم أطول، ألا ينتهي، ليس لأنني أحببت الأغنيات بحد ذاتها، بل لأنني اكتشفت أن العالم واسع حتى لو كانت الظروف ضيقة، أمعنت الاستمتاع بتفاصيل الاسكندرية والبيوت العادية والنوافذ والبحر والغرافيتي والصراع بين الجديد والأشياء البالية والحكم المسبق و…. فهمت معنى الفنون المستقلة.
شجعني الفيلم على كتابة كلمات أغنيات، وشراء كاميرا بالمبلغ الذي حصلت عليه كمكافأة من الجامعة على تفوقي في السنة الأولى، قلت للجميع أنني سأستخدم الكاميرا لوظائف الجامعة وتوثيق الرحلات، لكن في البال كان هنالك أشياء أهم، سأصنع أعمالاً مستقلة، تشبهنا، بعيداً عن تقليدية الدراما وشركات إنتاج المسلسلات والأغاني، مع نفسٍ ثائر يريد أن يصور ويكتب ويغير العالم.
لم أفصح للجميع أنني فقدت الأمل بالجامعة منذ سلمت حلقة البحث التي عملت عليها بجهد كبير وكنت أظنها سبقاً يفضح تفاصيل رداءة ترميم القلاع الأثرية، وألححت بعدها بالسؤال حتى اكتشفت أن جميع من يسلم الوظائف يحصل على نفس الدرجة وتذهب الأوراق والملفات إلى سلة المهملات.
أتذكر، أول مرة رفعت الكاميرا لأصوّر شيئاً فظيعاً يحدث أمامي، انهالت الحجارة على النافذة التي كنت أقف خلفها ظناً مني أن الليل يخبئني، كانت الحجارة ألطف ما يمكن أن يحدث، لأن الخطوة التالية فوراً كانت الرصاص الغزير. نزلت إلى الأرض، بالكاد التقطت أنفاسي، لم أنم، صادرت أمي الكاميرا، بكيت بصمت على الوسادة، شغّلت أغنية “خبيني” التي حمّلتها من اليوتيوب مع مجموعة من الأغنيات لأسمعها كلما انقطعت الاتصالات والانترنت.
بعدها صار ذلك من النوع من الأغاني يرافق أجواء الكتابة المحمومة التي انغمست فيها لاحقاً، أحببت ألبوم “المربع” ، قلت لنفسي، لم أستطع التصوير لكنني سأكتب، وحتى بعد إحراق الكثير من الكتابات، واسيت نفسي أن الأشياء التي تُكتب لا تُنسى، يمكن إعادة كتابتها في أي وقت.
في تلك الفترة بعد مفاوضات ونقاشات صعبة مع الأهل، سجّلت في مفاضلة الوافدين لدراسة الإعلام في القاهرة، مازلت أذكر دقات قلبي وأنا أطبع وأرسل أوراقي من مقهى الانترنت في الحي المجاور. غمرتني السعادة عند علمت بقبولي، لكن كعادة الأشياء المنتظرة، لم تكتمل، في ذلك الصيف، تغيّر الحكم في مصر، وأوقفت كل الموافقات لدخول السوريين طوال العام.
بعد ذلك بسنوات، ورغم عملي بمجالات قريبة من الكاميرات الاحترافية، لكنني لم أحاول أن أتعامل معها باحتراف، أحتاج رخصة أمنية لأصور أي شيء في الشارع، ربما لا يستطيع الإنسان الغناء في مكان ضيق بهواء محدود وخانق، ربما المحاولة بالكتابة أسهل.
مرت سنوات طويلة على الفيلم، تغير التصنيف العمري للأدوار التي يأخذها الممثلون أنفسهم، كنت أشعر أنهم أكبر مني بقليل، صار جيلي كله تحت تصنيف “الكبار”. الفيلم بالنسبة لي يشبه الحكايات التي تنبض بالحياة، وتنتهي بخاتمة حزينة ومفتوحة.
انقطعت الكهرباء قبل انتهاء الفيلم، بحثت عن الكاميرا في الخزانة، حاولت شحنها وتشغيلها، بعد محاولات كثيرة نجحت في تشغيلها، انبثقت عدسة الكاميرا الصغيرة إلى الخارج، حاولت التقاط صورة، لكن الكاميرا توقفت عن العمل، شاشة سوداء، وأزرار التشغيل بلا أي استجابة، والعدسة ترفض أن تعود مكانها، لم تعد علبة الكاميرا تتسع لها بعد رفض العدسة الاستجابة، شعرت أنني نبشت ذكريات الكاميرا بطريقة يصعب معها توضيبها وإعادتها لما كانت عليه. لا الكاميرا تتسع في العلبة ولا القصص تتسع في مجال التعبير.
ليس المهم أن تكون الفنون عظيمة بقصصها وميزانيتها وألوانها و… المهم، جداً مهم، الأثر الذي تتركه داخل الناس.

وقفة مع الريح

الرياح تصفع الشبابيك، تخلع كل الأشياء التي لا تتمسك بما حولها بشدّة، قبل الخروج من المنزل تتفقد قلبك، هل يتمسك بالحياة بما يكفي؟

ملاقط الغسيل لا تقوى على تثبيت الكثير من الآمال. ربما كانت الحياة أسهل لو امتلكنا نفس شعور الاستحقاق الذي يمتلكه هذا الهواء القوي، واقتحمنا كل الأبواب المغلقة، وأزعجنا سكون كل الأشياء المعلّقة، وأثرنا الغبار في وجه حساسية المرحلة، واصطدمنا بأكتاف الماضي دون أن نعتذر بلباقة، وبعثرنا بسرعة أناقة كل ما نشعر أنه مزيف في طريقنا، وأغوينا الستائر للرقص لا لحجب الدواخل، وآمنا أن الجدران مهما كان لونها مجرد مناورات بين الطرقات والسكن  والقيد والسكون والحرية، وعبرنا المسافات بثقة، دون عناء البحث عن فيزا مستحيلة وكلام منمق لحشو الاستمارات وطرق أقل وعورة لتجديد جواز السفر. الرياح قوية، ومحظوظة.. لا أحد يستطيع ترويضها وإقناعها بالتأقلم والرضا لا أحد يعاتبها على غضبها، وفي لحظات رقّتها يتغزّلون بها، بالنسيم.

تمسّك جيداً… تمسّك، الأيادي المرتخية لا تحصل على العناق، تقتلع الريح أصحابها، دون أثر، دون حتى أن يتحولوا إلى نجمة لامعة في السماء كما كانت تخبرنا مسلسلات الرسوم المتحركة.

بين البدايات وهدوء الانتظار

أشعر بهدوء الانتظار هذه الفترة، على الرغم من تذمري منه وضجري من افتتاح اليوم بالنظر على بريدي الالكتروني، لكنني أعتقد أنها فترة استراحة ضرورية لانطلاقة جديدة، لم أحدد بعد بالضبط كل ما يتعلق بهويتها. انتظار يشبه لحظات الجلوس أمام سفرة الإفطار وانتظار الأذان، الفرق فقط أنني لا أعلم موعد غروب شمسه.
بداية هذا العام أسميته عام البدايات الجديدة، هاقد دخلنا إلى ربعه الثاني، حاولت أن أجرد مدى تحقيقي لهذه المقولة، وجدت أنني لست بعيدة تماماً، بدأت بالكتابة بمجالات جديدة، كتبت قصة للأطفال وكتبت قصة قريبة من الفانتازيا، وعملت على تعديل وتنقيح روايتي الجديدة التي انتظر رداً من دار لنشرها، وبدأت البحث بشكل جدي عن عمل ثابت في مجالات كتابة المحتوى والإعلام، وبدأت حساب خطواتي اليومية لتحقيق هدف ثابت كل يوم، وأفكر بكيفية البدء بصناعة بودكاست بسيط دون أدوات احترافية. قد لا تكون بدايات ضخمة، لكنها بدايات، أحب نكهة البدايات، تشبه الرائحة التي تنتشر في المطبخ في أول لحظة أفتح فيها الفرن لأطمئن على نضج الحلوى المخبوزة.
على الرغم من دراستي للغة الإنكليزية إلا أنني لم أعتد قراءة الكتب بها، اكتفي بالمقالات، لذلك قررت أن أبدأ واخترت كتاب Show your work انشر فنك لأوستين كليون، لغته سهلة وبنفس الوقت لابد أن أجرب تطبيق أفكاره، تحمست للأفكار التي قرأتها فيه حتى الآن.
كان رمضان فرصة أيضاً للبداية بعادات جديدة، كقراءة القرآن بما تعلمته حتى الآن من التجويد، واكتشاف برامج دينية جديدة.
بدأت كذلك بتحرير مشاعري السلبية بسلاسة على شكل كتابة أو حديث، تحريرها لا يعني التخلص منها بكبسة زر، إنما تخفيف أثرها، وتخفيف وزنها الثقيل على الأكتاف. مثلاً البارحة تضايقت من الإضاءة الخافتة، أكره الضوء الأبيض الخافت الذي ينذر أن أن الليد شارف على الانطفاء بسبب انتهاء شحن البطارية، لكنه يقاوم، أحياناً أخشى أن تتحول بشرتي إلى ذلك اللون مع تكرار التعرض له.
من الأشياء القليلة التي بقيت لطيفة في حمص نسمات الهواء التي تنساب من النوافذ لتجدد شعورك بالانتعاش، أتت تلك النسمات في وقتها تماماً في طريق العودة من صلاة التراويح، الهلال أيضاً كان يشبه الابتسامة، صحيح أنه لا يملك نوراً مبهراً، لكنه ليس بائساً كضوء الليد المتعب، الحمد لله أن الطبيعة لا تعمل على الكهرباء.
الكهرباء لا تؤثر على النسمات صح، لكنها تؤثر على اختيارات المسلسلات التي أشاهد مقتطفات منها على التلفاز، وللأمانة والصراحة، بت أستمتع باكتشاف الأفكار التي يريدون ترويجها في المسلسل أكثر من متابعة المسلسل بحد ذاته، أغلب الأعمال ملوثة، ربما ألعب مع نفسي لعبة اكتشاف مكونات الخلطة الملوثة، وأتذكر لعبة ورقية كنت ألعبها في الطفولة تسمى اكتشاف الكذاب أو عقوبة الكذاب، كانت مسلية برسومات ملونة ومبهجة.

مقاطع يومية بلا مونتاج (3)

أحياناً أفكر ما الذي أريده؟ ربما أريد أن أفقد الأمل بالحياة وما فيها لدرجة تجعلني أغلق كل شيء وأعيش الحياة كرحلة عابرة قصيرة لا فائدة من الخوض في أوحالها أعمق من ذلك، لكن مهلاً، أريد أن أستثني رغباتي الطفولية من حملة إغلاق الأمل، ستبقى رغباتي في استكشاف الطبيعة وملاطفة الحيوانات وكتابة الأغنيات والاستلقاء على الشاطئ والصراخ المرح في ألعاب مدينة الملاهي واختراع حلويات ملونة.

***********

ينفرط الأصدقاء على الخرائط كحبات المسبحة، يبعثرنا الوداع، والبحث المضني عن فرصة للحياة. أشعر أنني أفقد أصدقائي كشجرة تخسر أوراقها دون أمل في قدوم ربيع جديد. أتخيل إن تحولت فعلاً إلى شجرة بلا أوراق أفضّل أن يصنعوا مني ورقاً للرسائل وبطاقات الهدايا، أو حطباً لشخص يرتعد من البرد، أو.. المهم ألا أتحوّل إلى فحم أرجيلة.

***********

السمّاعات الرديئة تجعل من الموسيقى عاملاً إضافياً للصداع، لن تعزلك عن شيء، ستشعر أنك تشاهد فيلماً اختار المخرج فيه ألا يفصل ضجيج الأحداث عن الموسيقى التصويرية، تكمل طريقك ويشاء المطر الذي بلل سلك السمّاعة أن يمنحك خاتمة موسيقية تليق بالأحداث…تشويشششش.

***********

كل يوم تلفتني سرعة الإنسان في تحويل أي شيء إلى تجارة. حين بحثت عن طريقة لحجز دور لتجديد جواز السفر تظهر آلاف الإعلانات لأشخاص تعرض الحجز مقابل المال، وسط انعدام في التسجيل بشكل طبيعي على المنصة الإلكترونية البائسة، وحتى عندما بحثت عن هدايا في محل الإكسسوارات وجدت قلادات فضية وذهبية تحمل علم روسيا محاطاً بحبات برّاقة. على البسطة وجدت حجاباً عليه حروف تشير إلى الفرقة الكورية BTS، إلى جوار علبة كريم مرطب برائحة بسكويت تويكس، فتحت العلبة لم تكن رائحة تويكس، مجرد عطر خفيف، لكن فكرة أن تتعطر برائحة البسكويت والشوكولاته تبدو جيدة، المهم أنني اشتريت بسكويتة محلية وفتحتها ولم أجد سوى الكرتونة الداخلية، لا أعلم إن كانوا يمزحون أو يختبرون من هو سيء الحظ أم هي خطة بيع جديدة مع غلاء الأسعار، تستلزم منهم أن يبيعونا شعور شراء البسكويتة مغلفاً؟ ربما يمزحون، أنا أيضاً حين كنت صغيرة وأساعد والدتي وجدتي بصناعة أقراص الكبة، كنت أصنع قرصاً فارغاً خلسةً وبنفس شكل القرص المحشي، كي أمزح وأختبر من حظ من سيكون.

الأكيد أن زيادة الأسعار المرعبة يومياً ليس مزحة. بائع الملابس يقنعني بالشراء قائلاً: نصيحة اشتري الآن، الأسعار في الأسبوع القادم ستجعل الناس تبكي. منذ عدة أشهر كان سعر وسادتين صغيرتين 15 ألف، البارحة اشتريت واحدة فقط بـ 18 ألف، المهم أنني اشتريت وسادة جديدة، لأنني شعرت أن وسادتي اختزنت ما يكفي من الدموع والكوابيس، أريد وسادة جديدة سأضع عليها عطراً جديداً وأحشوها بأحلام جديدة، وأناااام

مقاطع يومية بلا مونتاج (2)

الموسيقا السريعة تليق بخلفية الأحداث، العالم يتغير، وجه الحرب يطل من أماكن جديدة، منذ خمسة أيام بحثت عن قنوات الأخبار في التلفزيون، أهملتها منذ سنوات، لم أعد أطيق احتمال أن أشاهد نشرات كاملة، أكتفي بجولة يومية على الأخبار النصية، لكنني منذ خمسة أيام أنتظر الساعة التي تأتي فيها الكهرباء، لأتابع ما يحدث بدقة أكبر، عصفت بي وجوه المذيعين والمراسلين والمحللين، تابعتهم من سنوات ولسنوات، لقد كبروا! زاد شيب شعرهم، وزادت التجاعيد في وجوههم. ركضت إلى المرآة، شغلت فلاش الموبايل، لمحاولة الحصول على إضاءة أوضح، عتمة عتمة، اشتعل في رؤوسهم الشيب واشتعلت في أيامنا العتمة، لكن العتمة لا تشتعل ، تخيلت لو كانت العتمة سائلة مثل النفط، سائلة وقابلة للاشتعال التخيل بحد ذاته يمنح الدفء. المهم أن الشيء الثابت أنني مازلت أكره أصوات المترجمين الفوريين، لم أجد حتى الآن مترجماً إخبارياً بصوت مريح ونبرة جميلة.

***********

ماذا تفعل بالرسائل التي تكتبها ولن تُرسل؟ ربما ستشعر أن ترتب فيها دواخلك، تضعها فوق رفوف مطبخ الأفكار، لتمتص الدموع التي ترشح من عيونك الفخارية. شاهدت مقطع فيديو يقترح وضع ملعقة باردة على العيون المنتفخة من البكاء أو الحساسية، ما الذي تفعله الملعقة الباردة؟ تذكرت أغنية فيروز “تشرب من فنجانك واشرب من عينيك”، ربما تجعلها الملعقة الباردة تصبح “واغرف من جفوني، لأنسى عينيك”.

***********

أثناء البحث عن عمل ربما لا أجيد شد ومط إنجازاتي وخبراتي على مقاسات كل فرصة، لكن خيالي يعمل في الأوقات التي يجب فيها أن يهب السلطة للواقع، عند التقدم للوظيفة أتخيل أنني قُبلت وباشرت وما الذي سأرتديه في اليوم الأول، وكيف ستتبلور خبرتي وفلسفتي وفق التحولات والانتقالات في حياتي. في الواقع لا يصلني الرد في 90% من الفرص، لا قبول ولا رفض، مجرد فراغ، أتذكر أغنية قديمة تسمى “شفاف” لفرقة أنس والأصدقاء، أقول لنفسي: “بعرف إني إنسانة كريستالة، بس يعني ما لهدرجة من الشفافية”.  أفكر في كتابة سطر أخير في الطلب يتضمن: إذا ممكن تردوا، الفراغ يشجع الخيال يا جماعة.

*********** 

تود أن تمشي لكنك تسعل، تحتل المدى تلك الرائحة الممزوجة بدخان السيارات التي تنفث احتراق الوقود الرديء، وطقطقة أكياس البلاستيك المتجعدة، ربما تريد تجارب جديدة لكن تجارب طازجة، تخرج من آنية الطبخ لا من علبة شفافة على رف البقالية، أنت تهرب، لكن الهروب دون خريطة يعني استنزاف.

***********

مرارة القهوة زائدة عن الحد، أحب شربها مع إضافات نسبة جيدة من الهال أو المسكة، يتهمني عشاقها أن هذا إهانة للقهوة، لكن بكل الأحوال الرشفة الأخيرة من كأس الشاي الثقيل متوسط الحلاوة وحدها تشعرني أنني أمسكت زمام الأمور، حتى الأمور ذات القوام الزئبقي يمكن إمساكها قليلاً بعد شرب الشاي.

لا حكمة في العتمة

من أعتم مكان في العالم، لا تستطيع أن تستسيغ الحكمة كما هي، الحكم المعلّبة منتهية الصلاحية، طعمها في العتمة سيء، عليك ابتكار غيرها.

لا تسمع لمن يقول لك أشعل شمعة بدل أن تلعن الظلام، لا بأس بأن تلعن الظلام وتشتم أسباب الظلام والساعة التي ولدت فيها في بلد الظلام، لأنك بكل الأحوال لن تستطيع إشعال العالم، العالم بارد ورطب كجثة، أنت فقط مضطر لإشعال الشمعة والليد، لن تستطيع استعارة عيون البوم، ولا حتى حكمتها الهادئة.

الضوء في آخر النفق الذي تظن أنه يقترب، هو شخص على الجانب الآخر أضاء فلاش الموبايل وركض باتجاهك ظاناً أن البيل في يدك هو ضوء نهاية النفق، يركض بسرعة، كي لا يتشاجر بمختل يقضي حاجته على جدار النفق.

أما حكمة العلم نور والجهل ظلام، فلم يخبرنا الواقع أنها حكمة صحيحة، الأصح منها عبارة: المال والكهرباء نور، والفقر والتقنين ظلام، جرب محاولة التعلم بلا كهرباء، ستجد أنك تحاول أن تطبخ بلا طعام، لكن الأواني تبقى مفيدة، طبّلوا أعزائي، الأصوات لا تصل في العتمة دون تطبيل، طبّلوا لأي شيء، الضجة تنافس العتمة.

أيضاً ليست كل النهايات سعيدة، بالأخص نهاية النهار، تشعر أنك سندريلا وبدل فقدان الحذاء عند منتصف، تفقد الأمان عند غروب الشمس، لكن لا أحد يراه بعدما سقط منك، تبلعه العتمة. العتمة لها فم كبير جداً تبتلع كل شيء، تمد ذراعيها، تلتقط كل الأفكار، تغمسها بالكآبة، وتأكلها بلقمة واحدة، تغفو دقائق قليلة ريثما تمر الكهرباء الخاطفة، وتتمطط بعدها بثقة وشهية مفتوحة على كل البيوت، عتمة ترفض المكياج وترفض التدجين، تمد لسانها لك ولكل لهاثك المحموم لتشحن كل ما تجده في طريقك، دون أن تجد أي مقبس يشحنك بالتفاؤل، الجانب المظلم منك يصبح كلك.

في الظلام ليس كل ما يلمع ذهباً، ربما تكون دمعة حنّت عليها نجمة وعكست عليها بعض النور، لتدرك دهاء اللغة العربية في اشتقاقات مصدر ظلم.

حتى غوغل يصبح عديم المعرفة، فتخيل أن تسأله عن عصور الظلام ويجيبك أنها القرون الوسطى في أوروبا فقط!

بعد قليل

أعلم أنه موضوع مكرر، ومستهلك و….. لكنه مستمر، هذه مصيبته. أريد أن أكتب نصاً في هجاء الكهرباء، إنها تشبه حبيباً يقدم الوعود والهدايا لحبيبته ثم يغيب ولا يسأل عنها أبداً، يأتي زيارة بلا حماس، ويعاود المغيب، بينما تجده في كل الأماكن مع غيرها، يأخذ الصور وينشرها، دون أن يخفي ذلك.

لن تعتاد، صدقني، ربما تتناسى قليلاً لكنك لن تشعر قط أن حياتك طبيعية لا ينقصها شيء، غياب الكهرباء يجعلك تكره كل المواسم، وكل الفصول، في الشتاء تنتظر الدفء والصيف والشمس، تحت الكثير من الأغطية الثقيلة يبدو العالم مزعجاً وكئيبا ولا يحتمل، مع الظلام الدامس ورائحة المدافئ التي بالكاد تشتعل وتسعل علينا رمادها، أما في الصيف فتبحث عن أي ظل أو برودة،  فتشعر أنك تشبه مادة السلايم، لست أكثر حظاً من كيس الملوخية الذي يشعر بالحر في الثلاجة المنطفئة، تحاول أن تنسى وتخرج  فتمتزج لسعات الشمس مع جداول السوائل التي تفرزها حاويات القمامة الممتلئة وتصبغ معظم الشوارع، تشعر أن هذه السوائل تشبه الكثير من الأشياء التي تصادفك، قمامة تفرز خلاصة القمامة، وتنشرها في كل مكان.

الكهرباء في سوريا تبقيك في حالة انتظار دائمة، لا تستطيع أن تنسى الزمن، ستنظر إلى الساعة وأنت تراقب برامج التقنين المتبدلة نحو الأسوأ: هل أتت؟ متى ستأتي؟ لماذا لم تأت بعد؟ كل شيء يعتمد عليها، الجو، والطعام، والمناسبات، والعمل، والملابس، والتسلية، والإنجاز، و…. الإنسان الذي يعيش حالة انتظار دائمة يصاب بالوهم الممزوج بالتماهل والتأجيل، بعد قليل ستأتي الكهرباء الشحيحة، بعد قليل سيتغير كل شيء إلى الأفضل، بعد قليل سأفعل وأفعل،… هذه الـ “بعد قليل” ربما تمتد لسنوات، تصبح النفسية أشبه بقطة تستلقي تحت سيارة في الحر، تشعر أنها تأخذ الأمان والفيء المؤقت عنوة، ولا تريد أن تفعل أي شيء.

كما استطالت رقبة الزرافة لتتناول ورق الشجر، ويتبدل لون الحرباء كي تتخفى من الخطر، تخيلت أنه ربما يأتي يوم ويخرج الإنسان الضوء من عينيه ليرى دون إنارة كهربائية، أو ينفث من فمه كالتنين الهواء الساخن شتاء والبارد صيفاُ وبعض النار للطبخ والتسخين، أو يخرج العجلات من باطن قدمه ليتنقل بسرعة، أو يشحن هاتفه وحاسوبه من طاقة غضبه عبر فتحة لوصلة usb خلف أذنه.

ربما ليس ذنبها أنها مفقودة، لكنني بت أكره كلمة كهرباء، أكره النكات اللزجة التي تتناولها، والأكثر أنني أكره حاجة الإنسان إلى كل الأشياء المفقودة.

أسئلة ورا أسئلة

لماذا تعمّد الإنسان اختراع آلات تزن كل شيء إلا الشعور؟
القلوب أغصان رقيقة نبحث عن فأس لنقطعها، هل ستنمو لنا قلوب أقوى؟
الشمس بخيلة، لم لا تعلمنا كيف ومتى نشرق أو نغيب؟
الشخص المصاب بالثقة العمياء يحتاج العصا للطريق، لماذا لا تساعدونه على عبور الحياة دون أن يدهسه أحد؟
لا يتجدد جواز السفر بنفسه، لماذا إذن يتجدد جواز البقاء؟
حين توقف بيع الصحف والجرائد، لماذا لم يأخذ أحد رأي زجاج النوافذ؟
حين تتحدث عن جمال الورد، لماذا لا تلاحظ حكمته في الذبول والموت قبل المزيد من العناء؟
الواقع مشوه أكثر بكثير من الوجوه والصور، لماذا لم يستطع أي فلتر تجميله حتى الآن؟
كعادة الذين يبحثون ويذيعون عن الأطفال الضائعين في المآذن، لماذا لم ينادي كل الذين ضاع مستقبلهم؟